فيما بين الموت والحياة، هنالك رهبانية المتطوعين لإعادة التائهين في الصحراء إلى بر الأمان

أصبح تزايد حالات الأشخاص المفقودين في مناطق سعودية غير حضرية فرصة لبعض المتطوعين لإنشاء فرق إنقاذ لتقديم المساعدة للآخرين.

فيما بين الموت والحياة، هنالك رهبانية المتطوعين لإعادة التائهين في الصحراء إلى بر الأمان
فيما بين الموت والحياة، هنالك رهبانية المتطوعين لإعادة التائهين في الصحراء إلى بر الأمان

عندما تضيع بين تلال الرمال اللامتناهية في الصحراء، قد يقل احتمال الأمل في البقاء في داخلك. قليل هم الأشخاص الذين ينجون من ويلاتها، وفقًا للكثير من الأحداث والقصص، ولكن ما يزيد من فرص البقاء في الصحراء هو وجود فرق تطوعية إنسانية متخصصة في عمليات الإنقاذ.

ونتيجة لهذا، ظهرت في السنوات الأخيرة في السعودية حملات وجمعيات تطوعية مشابهة لجمعية “عون”. يهدف هذا العمل إلى حماية الأرواح ونشر الوعي وإنقاذ الأشخاص المحاصرين في صحاري المملكة. وقد بلغ عدد المتطوعين في هذا المجال حوالي 5,000 شخص، حسبما صرحت به صالح النوفل المدير التنفيذي للجمعية “عون”. وأشار أيضًا إلى زيادة ملحوظة في عدد هذه الجمعيات والفِرَق الإغاثية في جميع المناطق.

وصرح بأن “المخاوف المشتركة بين الجمعيات والفرق الإغاثية هي السباق مع الوقت للوصول إلى المفقود قبل وفاته، خاصة في فصل الصيف عندما يصبح الطقس حارًا جدًا. وبالتالي، تصبح التحديات أكثر صعوبة عندما يكون عليهم البحث في أماكن صعبة ووعرة”.

قصص إنسانية

ذاكرة صالح النوفل المدير التنفيذي لجمعية “عون” للبحث والإنقاذ تحتفظ بتفاصيل إنسانية ملفتة، ووفقاً لوصفها تحمل “مواقف كثيرة ومشاعر مختلفة”. لا يمكن أن ينسى لحظة العثور على الرجل الستيني المفقود في الصحراء لمدة يومين خلال فصل الصيف، حيث كان عاجزًا ويواجه الموت المحتمل.

ويقول: “واكتشفنا هذا الرجل الذي تجاوز عمره الستين في صباح أحد الأيام في صحراء مدينة الخرج، تحديداً في منطقة تُدعى “الحنية”، حيث كان الرجل الستيني جالساً في سيارته. بالمبدأ، ظننا أنه مات بسبب العِطَشِ والموت، فشعرنا بحزن شديد على الفور”.

وقال: “قررنا أن نفحصه ونكشف عن حالته، وتبين في هذا الوقت أنه لا يزال على وشك الموت، لذا تمكنا من إسعافه، وفتحت لاحقًا أنه يعاني من مشاكل صحية، وقد خضع لعملية قلب مفتوح قبل ذلك الحادث، لذا نقلناه على الفور إلى أقرب مستشفى لتقديم الإسعافات الأولية، وبعد ذلك عاد للحياة”.

كل عام يتوجه العشرات من ضحايا “التاهية” في الصحراء بلا معرفة بأبعادها الشاسعة، بينما يكون القليل منهم من يحظون بفرصة النجاة، ولا تتوفر إحصاءات رسمية عن أعداد المفقودين خاصة في هذا العام.

بصورة مماثلة، يقوم معظم المؤسسات الإنسانية والتوعوية بالعمل تحت إشراف الجهات المختصة، مثل وزارة الداخلية، وذلك مع تنسيق مستمر مع مراكز الشرطة في مختلف المناطق، وأيضًا مع فرق التحقيق الجنائي والدفاع المدني وحرس الحدود لتحقيق الأهداف المنشودة من عمليات البحث.

أحد التائهين في الصحراء
أحد التائهين في الصحراء

العالقون في الصحراء

ويشير صالح النوفل إلى أن الأشخاص العالقين في الصحراء، عندما يتركون مركباتهم، يصبحون مفقودين ويتم البحث عنهم، وعادة ما يتم العثور عليهم، ولكن لا يزال لدى الجمعية بلاغات فقدان مفتوحة دون العثور على هؤلاء المفقودين.

وفي نفس السياق، يتذكر قصصًا مؤثرة تلفت الانتباه، حسبما يوصف أثناء عمله في جمعية عون، حيث يقول: “تكون هذه القصص الأكثر تأثيراً عندما نواجه الحالة ونكتشف أن الأشخاص المفقودين قد فارقوا الحياة، وبالتالي نشعر بشدة ما يشعر به أفراد أسرتهم وأحبائهم عندما يشاهدون ابنهم أو شخصًا مقربًا يترك الحياة دون أن يُساعَدوه، وهذا بكل تأكيد شعورٌ محزن ومؤلم”.

وقد أصبح تعدد حالات الأشخاص المفقودين خارج المناطق الحضرية في السعودية فرصة لبعض المتطوعين لتأسيس فرق إنقاذ لمساعدة الآخرين وتوفير وسائل الحياة لهؤلاء المفقودين في صحارى البلاد، حتى وصل الأمر ببعض هذه الجمعيات أن تحصل على صفة حكومية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.